کد مطلب:90499 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:337
فَارَقَ الأَشْیَاءَ لاَ عَلَی اخْتِلاَفِ الأَمَاكِنِ، وَ تَمَكَّنَ مِنْهَا[3] لاَ عَلی وَجْهِ[4] الْحُلُولِ وَ الْمُمَازَجَةِ، وَ عَلِمَهَا لاَ بِأَدَاةٍ[5] لاَ یَكُونُ الْعِلْمُ إِلاَّ بِهَا، وَ لَیْسَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مَعْلُومِهِ عِلْمٌ غَیْرُهُ. إِنْ قیلَ: « كَانَ » فَعَلی تَأْویلِ أَزَلِیَّةِ الْوُجُودِ، وَ إِنْ قیلَ: « لَمْ یَزَلْ » فَعَلی تَأْویلِ نَفْی الْعَدَمِ. فَسُبْحَانَهُ وَ تَعَالی عَنْ قَوْلِ مَنْ عَبَدَ سِوَاهُ وَ اتَّخَذَ إِلهاً غَیْرَهُ عُلُوّاً كَبیراً. أَحْمَدُهُ بِالْحَمْدِ الَّذِی ارْتَضَاهُ مِنْ خَلْقِهِ، وَ أَوْجَبَ قَبُولَهُ عَلی نَفْسِهِ، وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَریكَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، شَهَادَتَانِ تَرْفَعَانِ الْقَوْلَ وَ تُضَاعِفَانِ الْعَمَلَ. خَفَّ میزَانٌ تُرْفَعَانِ مِنْهُ، وَ ثَقُلَ میزَانٌ تُوضَعَانِ فیهِ. وَ بِهِمَا الْفَوْزُ بِالْجَنَّةِ، وَ النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ، وَ الْجَوَازُ عَلَی الصِّرَاطِ. وَ بِالشَّهَادَتَیْنِ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، وَ بِالصَّلاَةِ تَنَالُونَ الرَّحْمَةَ، فَأَكْثِرُوا مِنَ الصَّلاَةِ عَلی نَبِیِّكُمْ [صفحه 148] وَ آلِهِ، إِنَّ اللَّهَ وَ مَلاَئِكَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَی النَّبِیِّ یَا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَیْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلیماً[6]. لأَنْسِبَنَّ الإِسْلاَمَ نِسْبَةً لَمْ یَنْسِبْهَا أَحَدٌ قَبْلی، وَ لاَ یَنْسِبُهَا أَحَدٌ بَعْدی إِلاَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ: إِنَّ[7] الإِسْلاَمَ هُوَ التَّسْلیمُ، وَ التَّسْلیمَ هُوَ الْیَقینُ، وَ الْیَقینَ هُوَ التَّصْدیقُ، وَ التَّصْدیقَ هُوَ الاِقْرَارُ، وَ الاِقْرَارَ هُوَ الأَدَاءُ، وَ الأَدَاءَ هُوَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ. إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَخَذَ دینَهُ عَنْ رَبِّهِ وَ لَمْ یَأْخُذْهُ عَنْ رَأْیِهِ. إِنَّ الْمُؤْمِنَ یُری یَقینُهُ فی عَمَلِهِ، وَ إِنَّ الْمُنَافِقَ یُری شَكُّهُ فی عَمَلِهِ، وَ إِنَّ الْكَافِرَ یُری إِنْكَارُهُ فی عَمَلِهِ، فَوَ الَّذی نَفْسی بِیَدِهِ مَا عَرَفُوا أَمْرَ رَبِّهِمْ فَاعْتَبَرُوا إِنْكَارَ الْكَافِرینَ وَ الْمُنَافِقینَ بِأَعْمَالِهِمُ الْخَبیثَةِ. أَیُّهَا النَّاسُ، دینَكُمْ، دینَكُمْ، تَمَسَّكُوا بِهِ، لاَ یُزَیِّلَنَّكُمْ وَ لاَ یَرُدَّنَّكُمْ أَحَدٌ عَنْهُ، فَإِنَّ السَّیِّئَةَ فیهِ خَیْرٌ مِنَ الْحَسَنَةِ فی غَیْرِهِ، لأَنَّ السَّیِّئَةَ فیهِ تُغْفَرُ، وَ الْحَسَنَةَ فی غَیْرِهِ لاَ تُقْبَلُ. أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ[8] لاَ شَرَفَ أَعْلی مِنَ الإِسْلاَمِ، وَ لاَ عِزَّ أَعَزُّ مِنَ التَّقْوی، وَ لاَ مَعْقِلَ أَحْصَنُ[9] مِنَ الْوَرَعِ، وَ لاَ شَفیعَ أَنْجَحُ مِنَ التَّوْبَةِ، وَ لاَ لِبَاسَ أَجْمَلُ مِنَ الْعَافِیَةِ، وَ لاَ وِقَایَةَ أَمْنَعُ مِنَ السَّلاَمَةِ[10]، وَ لاَ كَنْزَ أَغْنی مِنَ الْقَنَاعَةِ، وَ لاَ مَالَ أَذْهَبُ لِلْفَاقَةِ مِنَ الرِّضی بِالْقُوتِ. وَ مَنِ اقْتَصَرَ عَلی بُلْغَةِ الْكَفَافِ فَقَدِ انْتَظَمَ الرَّاحَةَ، وَ تَبَوَّءَ خَفْضَ الدَّعَةِ. [ وَ ] مَرَارَةُ الدُّنْیَا حَلاَوَةُ الآخِرَةِ، وَ حَلاَوَةُ الدُّنْیَا مَرَارَةُ الآخِرَةِ. [ وَ ] أَفْضَلُ الزُّهْدِ إِخْفَاءُ الزُّهْدِ. [صفحه 149] أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لاَ كَنْزَ أَنْفَعُ مِنَ الْعِلْمِ، وَ لاَ عِزَّ أَرْفَعُ مِنَ الْحِلْمِ، وَ لاَ حَسَبَ أَبْلَغُ مِنَ الأَدَبِ، وَ لاَ نَصَبَ أَوْجَعُ[11] مِنَ الْغَضَبِ، وَ لاَ جَمَالَ أَزْیَنُ مِنَ الْعَقْلِ، وَ لاَ قَرینَ أَشَرُّ مِنَ الْجَهْلِ، وَ لاَ سَوْءَةَ أَسْوَأُ[12] مِنَ الْكَذِبِ، وَ لاَ حَافِظَ أَحْفَظُ مِنَ الصَّمْتِ، وَ لاَ غَائِبَ أَقْرَبُ مِنَ الْمَوْتِ. لَنْ یَنْجُوَ مِنَ الْمَوْتِ غَنِیٌّ بِمَالِهِ، وَ لَنْ یَسْلَمَ مِنْهُ فَقیرٌ لإِقْلاَلِهِ. أَلاَ[13] وَ إِنَّ[14] الرَّغْبَةَ مِفْتَاحُ النَّصَبِ، وَ الاِحْتِكَارَ[15] مَطِیَّةُ التَّعَبِ، وَ الْغیبَةَ جُهْدُ الْعَاجِزِ، وَ الْحِرْصَ وَ الْكِبْرَ وَ الْحَسَدَ دَوَاعٍ إِلَی التَّقَحُّمِ فِی الذُّنُوبِ[16]، وَ الشَّرَّ[17] جَامِعُ[18] مَسَاوِئِ الْعُیُوبِ، وَ هُوَ زِمَامٌ یُقَادُ بِهِ إِلی كُلِّ سُوءٍ، وَ النِّفَاقَ مَبْنِیٌّ عَلَی الْمَیْنِ، وَ الْبَغْیَ سَائِقٌ إِلَی الْحَیْنِ[19]، [ وَ ] التُّقی رَئیسُ الأَخْلاَقِ. رُبَّ مَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فیهِ، وَ رُبَّ طَمَعٍ خَائِبٍ لأَمَلٍ كَاذِبٍ، وَ رُبَّ رَجَاءٍ یُؤَدّی إِلَی الْحِرْمَانِ، وَ رُبَّ تِجَارَةٍ تَؤُولُ إِلَی الْخُسْرَانِ[20]. [صفحه 150] اَلْوِلاَیَاتُ مَضَامیرُ الرِّجَالِ، وَ كَمْ مِنْ عَقْلٍ أَسیرٍ تَحْتَ هَوی أَمیرٍ؟. أَلاَ وَ مَنْ تَوَرَّطَ فِی الأُمُورِ غَیْرَ نَاظِرٍ فِی الْعَوَاقِبِ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِمُفْظِعَاتِ[21] النَّوَائِبِ[22] [ وَ ] مَنْ أَسْرَعَ إِلَی النَّاسِ بِمَا یَكْرَهُونَ قَالُوا فیهِ مَا لاَ یَعْلَمُونَ، وَ مَنْ تَتَبَّعَ مَسَاوِئَ الْعِبَادِ فَقَدْ نَحَلَهُمْ عِرْضَهُ. وَ مَنْ سَعی بِالنَّمیمَةِ حَذِرَهُ الْبَعیدُ وَ مَقَتَهُ الْقَریبُ. وَ بِئْسَتِ الْقِلاَدَةُ قِلاَدَةُ الذَّنْبِ لِلْمُؤْمِنِ[23]، [ وَ ] أَشَدُّ[24] الذُّنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ[25] مَا اسْتَهَانَ[26] بِهِ صَاحِبُهُ. أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ[27] مَنْ نَظَرَ فی عَیْبِ[28] نَفْسِهِ اِشْتَغَلَ[29] عَنْ عَیْبِ غَیْرِهِ، وَ مَنْ رَضِیَ بِرِزْقِ اللَّهِ لَمْ یَحْزَنْ عَلی مَا فَاتَهُ، وَ مَنْ رَضِیَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ تَعَالی لَهُ لَمْ یَأْسَفْ عَلی مَا فی یَدِ غَیْرِهِ، وَ مَنْ ضَعُفَ عَنْ حِفْظِ سِرِّهِ لَمْ یَقْوَ لِسِرِّ غَیْرِهِ. مَنْ عَامَلَ بِالْبَغْی كُوفِئَ بِهِ[30]، وَ مَنْ سَلَّ سَیْفَ الْبَغْیِ قُتِلَ بِهِ، وَ مَنْ حَفَرَ لأَخیهِ الْمُؤْمِنِ قَلیباً وَقَعَ[31] فیهَا قَریباً، وَ مَنْ هَتَكَ حِجَابَ عَوْرَةِ أَخیهِ[32] انْكَشَفَتْ عَوْرَاتُ بَیْتِهِ[33]، وَ مَنِ اسْتَصْغَرَ [صفحه 151] زَلَّةَ نَفْسِهِ اسْتَعْظَمَ زَلَّةَ غَیْرِهِ، وَ مَنِ اسْتَصْغَرَ زَلَّةَ غَیْرِهِ اسْتَعْظَمَ زَلَّةَ نَفْسِهِ، وَ مَنْ سَفِهَ عَلَی النَّاسِ شُتِمَ، وَ مَنْ أُعْجِبَ بِرَأْیِهِ ضَلَّ، وَ مَنِ اسْتَغْنی بِعَقْلِهِ زَلَّ، وَ مَنْ تَكَبَّرَ عَلَی النَّاسِ ذَلَّ، وَ مَنْ خَالَطَ الْعُلَمَاءَ وُقِّرَ، وَ مَنْ دَاخَلَ السُّفَهَاءَ حُقِّرَ، وَ مَنْ حَمَّلَ نَفْسَهُ مَا لاَ یُطیقُ عَجِزَ[34]، وَ مَنْ كَابَدَ[35] الأُمُورَ عَطِبَ، وَ مَنْ غَلَبَ عَلَیْهِ الْغَضَبُ لَمْ یَأْمَنِ الْعَطَبَ، وَ مَنْ كَثُرَ لَهْوُهُ اسْتُحْمِقَ[36]، وَ مَنِ اقْتَحَمَ اللُّجَجَ غَرِقَ، وَ مَنْ آخی فِی اللَّهِ غَنِمَ، وَ مَنْ آخی لِلدُّنْیَا حُرِمَ[37]، وَ مَنْ دَخَلَ مَدَاخِلَ السُّوءِ اتُّهِمَ، وَ مَنْ كَثُرَ كَلاَمُهُ كَثُرَ خَطَؤُهُ[38]، وَ مَنْ كَثُرَ خَطَؤُهُ قَلَّ حَیَاؤُهُ، وَ مَنْ قَلَّ حَیَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ، وَ مَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ، وَ مَنْ مَاتَ قَلْبُهُ دَخَلَ النَّارَ. وَ مَنْ أَطَالَ الأَمَلَ أَسَاءَ الْعَمَلَ، وَ مَنْ نَظَرَ فی عُیُوبِ النَّاسِ فَأَنْكَرَهَا ثُمَّ رَضِیَهَا لِنَفْسِهِ، فَذَلِكَ الأَحْمَقُ بِعَیْنِهِ. وَ مَنْ أَزْری عَلی غَیْرِهِ بِمَا یَأْتیهِ فَذَلِكَ الأَخْرَقُ[39] [ بِعَیْنِهِ ]. مَنْ أَصْبَحَ عَلَی الدُّنْیَا حَزیناً فَقَدْ أَصْبَحَ لِقَضَاءِ اللَّهِ سَاخِطاً، وَ مَنْ أَصْبَحَ یَشْكُو مُصیبَةً نَزَلَتْ بِهِ فَقَدْ أَصْبَحَ یَشْكُو رَبَّهُ. وَ مَنْ أَتی غَنِیّاً فَتَوَاضَعَ لَهُ لِغِنَاهُ ذَهَبَ ثُلُثَا دینِهِ، وَ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَهُوَ مِمَّنْ كَانَ یَتَّخِذُ آیَاتِ اللَّهِ هُزُواً. وَ مَنْ لَهِجَ قَلْبُهُ بِحُبِّ الدُّنْیَا الْتَاطَ قَلْبُهُ مِنْهَا بِثَلاَثِ: هَمٍّ لاَ یَغِبُّهُ. وَ حِرْصٍ لاَ یَتْرُكُهُ. وَ أَمَلٍ لاَ یُدْرِكُهُ. [صفحه 152] أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ[40] لاَ غِنی كَالْعَقْلِ، وَ لاَ فَقْرَ كَالْجَهْلِ، وَ لاَ میرَاثَ كَالأَدَبِ، وَ لاَ جَمَالَ كَالْحَسَبِ[41]، وَ لاَ ظَهیرَ[42] كَالْمُشَاوَرَةِ. مِنْ أَشْرَفِ أَعْمَالِ[43] الْكَریمِ غَفْلَتُهُ[44] عَمَّا یَعْلَمُ، وَ [ مِنْ ] أَقْبَحِ أَفْعَالِ الْكَریمِ مَنْعُ عَطَاهُ، وَ مِنْ أَحْسَنِ أَفْعَالِ الْقَادِرِ أَنْ یَغْضَبَ فَیَحْلُمُ. أَیُّهَا النَّاسُ، فِی الإِنْسَانِ عَشْرُ خِصَالٍ یُظْهِرُهَا لِسَانُهُ: شَاهِدٌ یُخْبِرُ عَنِ الضَّمیرِ. وَ حَاكِمٌ یَفْصِلُ بَیْنَ الْخِطَابِ. وَ نَاطِقٌ یُرَدُّ بِهِ الْجَوَابُ. وَ شَافِعٌ تُدْرَكُ بِهِ الْحَاجَةُ. وَ وَاصِفٌ تُعْرَفُ بِهِ الأَشْیَاءُ. وَ أَمیرٌ یَأْمُرُ بِالْحَسَنِ. وَ وَاعِظٌ یَنْهی عَنِ الْقَبیحِ. وَ مُعَزٍّ تُسَكَّنُ بِهِ الأَحْزَانُ. وَ حَاضِرٌ تُجْلی بِهِ الضَّغَائِنُ. وَ مُونِقٌ تَلْتَذُّ بِهِ الأَسْمَاعُ[45]. تَكَلَّمُوا تُعْرَفُوا، فَإِنَّ الْمَرْءَ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ، [ وَ ] لِسَانُ الْمَرْءِ مِنْ خَدَمِ عَقْلِهِ[46]، [ وَ ] قَلْبُ الأَحْمَقِ فی فیهِ، وَ لِسَانُ الْعَاقِلِ فی قَلْبِهِ. أَیُّهَا النَّاسُ،[47] أُوصیكُمْ بِخَمْسٍ لَوْ ضَرَبْتُمْ إِلَیْهَا آبَاطَ الإِبِلِ حَتَّی یَنْصِبْنَ[48] لَكَانَتْ لِذَلِكَ أَهْلاَ[49]. لاَ یَرْجُوَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلاَّ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ[50]. [صفحه 153] وَ لاَ یَخَافَنَّ إِلاَّ ذَنْبَهُ[51]. وَ لاَ یَسْتَحْیِیَنَّ[52] أَحَدٌ مِنْكُمْ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لاَ یَعْلَمُ أَنْ یَقُولَ: لاَ أَعْلَمُ. وَ لاَ یَسْتَحْیِیَنَّ أَحَدٌ إِذَا لَمْ یَعْلَمِ الشَّیْ ءَ أَنْ یَتَعَلَّمَهُ، فَإِنَّ قیمَةَ كُلِّ امْرِئٍ مَا یَعْلَمُ، فَتَكَلَّمُوا فِی الْعِلْمِ تَتَبَیَّنْ أَقْدَارُكُمْ[53]. وَ عَلَیْكُمْ بِالصَّبْرِ، فَإِنَّ الصَّبْرَ مِنَ الإیمَانَ كَالرَّأْسِ مِنَ الْجَسَد. وَ لاَ خَیْرَ فی جَسَدٍ لاَ رَأْسَ مَعَهُ، وَ لاَ فی إِیمَانٍ لاَ صَبْرَ مَعَهُ. أَیُّهَا النَّاسُ، اعْلَمُوا أَنَّهُ لَیْسَ بِعَاقِلٍ مَنِ انْزَعَجَ مِنْ قَوْلِ الزُّورِ فیهِ، وَ لاَ بِحَكیمٍ مَنْ رَضِیَ بِثَنَاءِ الْجَاهِلِ عَلَیْهِ. اَلنَّاسُ أَبْنَاءُ مَا یُحْسِنُونَ[54]، وَ قیمَةُ[55] كُلِّ امْرِئٍ مَا یُحْسِنُهُ. بِكَثْرَةِ الصَّمْتِ تَكُونُ الْهَیْبَةُ، وَ بِعَدْلِ الْمَنْطِقِ تَجِبُ الْجَلاَلَةُ[56]، وَ بِالنَّصَفَةِ یَكْثُرُ الْمُواصِلُونَ[57]، وَ بِالاِفْضَالِ تَعْظُمُ الأَقْدَارُ، وَ بِصَالِحِ الأَخْلاَقِ تَزْكُو الأَعْمَالُ[58]، وَ بِالتَّوَاضُعِ تَتِمُّ النِّعْمَةُ، وَ بِاحْتِمَالِ الْمُؤَنِ[59] یَجِبُ السُّؤْدَدُ، وَ بِالسّیرَةِ الْعَادِلَةِ یُقْهَرُ الْمُنَاوِئُ، وَ بِالْحِلْمِ عَنِ السَّفیهِ یَكْثُرُ الأَنْصَارُ عَلَیْهِ، وَ بِالرِّفْقِ وَ التُّؤْدَةِ تَسْتَحِقُّ اسْمَ الْكَرَمِ، وَ بِتَرْكِ مَا لاَ یَعْنیكَ یَتِمُّ لَكَ الْعَقْلُ[60]. [صفحه 154] أَوَّلُ عِوَضِ الْحَلیمِ مِنْ[61] حِلْمِهِ أَنَّ النَّاسَ أَنْصَارُهُ[62] عَلی خَصْمِهِ[63] الْجَاهِلِ. الْغِنی فِی الْغُرْبَةِ وَطَنٌ، وَ الْفَقْرُ فِی الْوَطَنِ غُرْبَةٌ[64]. الْمَرْأَةُ شَرُّ كُلُّهَا، وَ شَرُّ مَا فیهَا أَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْهَا. وَ الْمَرْأَةُ عَقْرَبٌ حُلْوَةُ اللَّسِبَةِ[65]. قُرِنَتِ الْحِكْمَةُ بِالْعِصْمَةِ، وَ[66] قُرِنَتِ الْهَیْبَةُ بِالْخَیْبَةِ، وَ قُرِنَ[67] الْحَیَاءُ بِالْحِرْمَانِ، وَ قُرِنَ الاِجْتِهَادُ بِالْوِجْدَانِ. اَلْعَیْنُ رَائِدُ[68] الْقَلْبِ، وَ[69] الْقَلْبُ مُصْحَفُ الْبَصَرِ. اَلْخِلاَفُ یَهْدِمُ الرَّأْیَ. إِذَا قَلَّ الْخِطَابُ كَثُرَ الصَّوَابُ[70]، [ وَ ] إِذَا ازْدَحَمَ الْجَوَابُ خَفِیَ[71] الصَّوَابُ، [ وَ ] إِذَا كَثُرَتِ الْمَقْدِرَةُ[72] قَلَّتِ الشَّهْوَةُ. [صفحه 155] إِذَا فَسَدَ الزَّمَانُ سَادَ اللِّئَامُ، [ وَ ] إِذَا اسْتَوْلَی اللِّئَامُ اضْطُهِدَ الْكِرَامُ[73]. آلَةُ الرِّیَاسَةِ سَعَةُ الصَّدْرِ. اَلْكَرَمُ أَعْطَفُ مِنَ الرَّحِمِ. وَ الْفُرْصَةُ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ، فَانْتَهِزُوا[74] فُرَصَ الْخَیْرِ مَا أَمْكَنَتْ، وَ إِلاَّ عَادَتْ نَدَماً. وَ لاَ تَطْلُبُوا أَثَراً بَعْدَ عَیْنٍ. أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ[75] لاَ خَیْرَ فِی الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أَنَّهُ لاَ خَیْرَ فِی الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ. إِعْلَمُوا، أَیُّهَا النَّاسُ، أَنَّهُ مَنْ لَمْ یَمْلِكْ لِسَانَهُ یَنْدَمُ، وَ مَنْ لاَ یَتَعَلَّمْ یَجْهَلُ، وَ مَنْ لاَ یَتَحَلَّمْ لاَ یَحْلُمُ، وَ مَنْ لاَ یَرْتَدِعُ لاَ یَعْقِلُ، وَ مَنْ لاَ یَعْقِلُ یَهُنْ، وَ مَنْ یَهُنْ لاَ یُوَقَّرُ، وَ مَنْ لاَ یُوَقَّرُ یُتَوَبَّخُ، وَ مَنْ یَتَّقِ یَنْجُ، وَ مَنْ یَكْتَسِبْ مَالاً مِنْ غَیْرِ حَقِّهِ یَصْرِفْهُ فی غَیْرِ أَجْرِهِ، وَ مَنْ لاَ یَدَعْ وَ هُوَ مَحْمُودٌ یَدَعْ وَ هُوَ مَذْمُومٌ. مَا أَفْحَشَ كَریمٌ قَطُّ[76]، وَ مَا زَنی غَیُورٌ قَطُّ، وَ مَا أَدْرَكَ النَّمَّامُ ثَاراً، وَ لاَ مَحی عَاراً. وَ[77] مَا مَزَحَ امْرُؤٌ[78] مَزْحَةً إِلاَّ مَجَّ اللَّهُ[79] مِنْ عَقْلِهِ مَجَّةً، وَ مَا الْتَذَّ أَحَدٌ مِنَ الدُّنْیَا لَذَّةً إِلاَّ كَانَتْ لَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ غُصَّةً[80]. وَ مَا ظَفِرَ مَنْ ظَفِرَ الإِثْمُ بِهِ[81]. [صفحه 156] [ وَ ] مَا الْمُجَاهِدُ وَ الشَّهیدُ فی سَبیلِ اللَّهِ بِأَعْظَمَ أَجْراً مِمَّنْ قَدَرَ فَعَفَّ، [ وَ ] لَكَادَ الْعَفیفُ أَنْ یَكُونَ مَلَكاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ. مَا اسْتَوْدَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی[82] امْرَءاً عَقْلاً إِلاَّ اسْتَنْقَذَهُ بِهِ یَوْماً. وَ الْحَجَرُ الْغَصیبُ[83] فِی الدَّارِ رَهْنٌ عَلی خَرَابِهَا. صَاحِبُ الْمَالِ مَتْعُوبٌ[84]، وَ الْغَالِبُ بِالشَّرِّ[85] مَغْلُوبٌ[86]. وَ مَنْ یَطْلُبِ الْعِزَّ بِغَیْرِ حَقٍّ یُذَلَّ، وَ مَنْ یَطْلُبِ الْهِدَایَةَ مِنْ غَیْرِ أَهْلِهَا یَضِلَّ، وَ مَنْ عَانَدَ الْحَقَّ لَزِمَهُ الْوَهْنُ، وَ مَنِ اسْتَدَامَ الْهَمَّ غَلَبَ عَلَیْهِ الْحُزْنُ. وَ[87] مَنْ صَارَعَ الْحَقَّ صَرَعَهُ، وَ مَنْ خَادَعَ اللَّهَ خَدَعَهُ. وَ مَنْ تَفَقَّهَ[88] وُقِّرَ، وَ مَنْ تَكَبَّرَ حُقِّرَ، وَ مَنْ لاَ یُحْسِنُ لاَ یُحْمَدُ[89]. [ وَ ] مَنْ تَرَكَ قَوْلَ: لاَ أَدْری أُصیبَتْ مَقَاتِلُهُ[90]. أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّ[91] الْمَنِیَّةَ قَبْلَ الدَّنِیَّةِ، وَ التَّجَلُّدَ قَبْلَ التَّبَلُّدِ، وَ الْحِسَابَ قَبْلَ الْعِقَابِ. اَلرِّضَا بِالْكَفَافُ خَیْرٌ مِنَ السَّعْیِ فِی الإِسْرَافِ[92]، وَ التَّقَلُّلُ وَ لاَ التَّوَسُّلُ، وَ مَنْ لَمْ یُعْطَ قَاعِداً [صفحه 157] لَمْ یُعْطَ[93] قَائِماً. [ وَ ] الْغِنی وَ الْفَقْرُ بَعْدَ الْعَرْضِ عَلَی اللَّهِ سُبْحَانَهُ[94]. كُلُّ مُعَاجَلٍ یَسْأَلُ الاِنْظَارَ، وَ كُلُّ مُؤَجَّلٍ یَتَعَلَّلُ بِالتَّسْویفِ. قَدِّمُوا قَوَادِمَ النِّعَمِ بِالشُّكْرِ[95]، وَ احْذَرُوا نِفَارَ النِّعَمِ [ بِالْكُفْر ]، فَمَا كُلُّ شَارِدٍ بِمَرْدُودٍ، وَ الْقَبْرُ خَیْرٌ مِنَ الْفَقْرِ، وَ عَمَی الْبَصَرِ خَیْرٌ مِنْ كَثیرٍ مِنَ النَّظَرِ[96]. لَوْ رَأْی الْعَبْدُ الأَجَلَ وَ مَصیرَهُ[97] لأَبْغَضَ الأَمَلَ وَ غُرُورَهُ. إِفْعَلُوا الْخَیْرَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَ[98] فَاعِلُ الْخَیْرِ خَیْرٌ مِنْهُ. وَ اجْتَنِبُوا الشَّرَّ فَ[99] فَاعِلُ الشَّرِّ شَرٌّ مِنْهُ. الْجُودُ حَارِسُ الأَعْرَاضِ، وَ الْحِلْمُ فِدَامُ السَّفیهِ، وَ الْعَفْوُ زَكَاةُ الظَّفَرِ، وَ السُّلُوُّ عِوَضُكَ مِمَّنْ غَدَرَ. وَ الاِسْتِشَارَةُ عَیْْنُ الْهِدَایَةِ. [ وَ ] الصِّدْقُ أَفْضَلُ رِوَایَةٍ. [ وَ ] الْخِیَرَةُ فی تَرْكِ الطِّیَرَةِ. [ وَ ] الأَیَّامُ تُفیدُ التَّجَارِبَ[100]. [ وَ ] الشَّفیعُ جَنَاحُ الطَّالِبِ. مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ الْمَصَائِبِ ابْتَلاَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ[101] بِكِبَارِهَا. وَ الصَّبْرُ یُنَاضِلُ الْحِدْثَانِ، وَ الْجَزَعُ مِنْ أَعْوَانِ الزَّمَانِ. [صفحه 158] اَلتَّلَطُّفُ فِی الْحیلَةِ أَجْدی مِنَ الْوَسیلَةِ، [ وَ ] الاِهْتِمَامُ بِالأَمْرِ یُثیرُ لَطیفَ الْحیلَةِ، [ وَ ] الرِّضَا بِالْمَقْدُورِ امْتِثَالُ الْمَأْمُورِ. مَا قَدَّمْتَ مِنْ دُنْیَاكَ فَلِنَفْسِكَ، وَ مَا أَخَّرْتَ مِنْهَا فَلِلْعَدُوِّ. وَ[102] مَا قَالَ النَّاسُ لِشَیْ ءٍ: طُوبی لَهُ، إِلاَّ وَ قَدْ خَبَّأَ لَهُ الدَّهْرُ یَوْمَ بُؤْسٍ[103]. مَا اخْتَلَفَتْ دَعْوَتَانِ إِلاَّ كَانَتْ إِحْدَاهَا ضَلاَلَةً. مِنْ كَفَّارَاتِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ إِغَاثَهُ الْمَلْهُوفِ، وَ مِنْ أَفْضَلِ الْمَكَارِمِ[104] التَّنْفیسُ عَنِ الْمَكْرُوبِ، وَ إِقْرَاءُ الضُّیُوفِ، وَ مِنْ أَفْضَلِ الْفَضَائِلِ اصْطِنَاعُ الصَّنَائِعِ، وَ بَثُّ الْمَعْرُوفِ. أَیُّهَا النَّاسُ[105]، اعْجَبُوا لِهذَا الإِنْسَانِ: یَنْظُرُ بِشَحْمٍ، وَ یَتَكَلَّمُ بِلَحْمٍ، وَ یَسْمَعُ بِعَظْمٍ، وَ یَتَنَفَّسُ مِنْ خَرْمٍ. أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ مَنْ أَكْثَرَ هَجَرَ، وَ[106] مَنْ مَلَكَ اسْتَأْثَرَ، وَ مَنْ عَجِلَ زَلَّ، وَ مَنْ قَلَّ ذَلَّ، وَ مَنْ جَادَ سَادَ، وَ مَنْ كَثُرَ مَالُهُ رَؤُسَ، وَ مَنْ كَثُرَ حِلْمُهُ نَبَلَ. وَ مَنْ تَفَكَّرَ فی آلاَءِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وُفِّقَ، وَ مَنْ فَكَّرَ فی ذَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ تَزَنْدَقَ، وَ مَنْ عَیَّرَ بِشَیْ ءٍ بُلِیَ بِهِ، وَ مَنْ أَكْثَرَ مِنْ شَیْ ءٍ عُرِفَ بِهِ، وَ مَنْ أُعْجِبَ بِنَفْسِهِ سُخِرَ بِهِ، وَ مَنِ اسْتَنْصَحَ اللَّهَ حَازَ التَّوْفیقَ. وَ[107] مَنْ أَطَاعَ التَّوَانِیَ ضَیَّعَ الْحُقُوقَ، وَ مَنْ أَطَاعَ الْوَاشِیَ ضَیَّعَ الصَّدیقَ. [صفحه 159] وَ مَنْ عَجِزَ طَلَبَ مَا فَاتَ مِمَّا لاَ یُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ، وَ تَرَكَ مَا أَمْكَنَ مِمَّا تُحْمَدُ عَوَاقِبُهُ. وَ مَنْ كَثُرَ مُزَاحُهُ اسْتُخِفَّ بِهِ، وَ مَنْ كَثُرَ ضِحْكُهُ ذَهَبَتْ هَیْبَتُهُ[108]. [ وَ ] مَنْ قَصَّرَ فِی الْعَمَلِ ابْتُلِیَ[109] بِالْهَمِّ. إِنَّ مِنْ هَوَانِ الدُّنْیَا عَلَی اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لاَ یُعْصی إِلاَّ فیهَا، وَ مِنْ ذِمَامَةِ الدُّنْیَا عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ[110] لاَ یُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلاَّ بِتَرْكِهَا. وَ لاَ حَاجَةَ للَّهِ سُبْحَانَهُ[111] فیمَنْ لَیْسَ للَّهِ فی مَالِهِ وَ نَفْسِهِ نَصیبٌ. إِنَّ كَلاَمَ الْحُكَمَاءِ إِذَا كَانَ صَوَاباً كَانَ دَوَاءً، وَ إِذَا كَانَ خَطَأً كَانَ دَاءً. اَلتَّوَانی مِفْتَاحُ الْبُؤْسِ، وَ بِالْعَجْزِ وَ الْكَسَلِ تَوَلَّدَتِ الْفَاقَةُ وَ نَتَجَتِ الْهَلَكَةُ. فَسَدَ حَسَبُ مَنْ لَیْسَ لَهُ أَدَبٌ[112]، [ وَ ] مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ یُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ[113]، وَ مَنْ وَضَعَتْهُ دَنَاءَةُ أَدَبِهِ لَمْ یَرْفَعْهُ شَرَفُ نَسَبِهِ[114]، وَ مَنْ فَاتَهُ حَسَبُ نَفْسِهِ لَمْ یَنْفَعْهُ حَسَبُ آبَائِهِ. مَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مَوَاضِعَ التُّهْمَةِ فَلاَ یَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ الظَّنَّ بِهِ. وَ مَنْ كَتَمَ سِرَّهُ مَلَكَ أَمْرَهُ وَ[115] كَانَتِ الْخِیَرَةُ بِیَدِهِ، وَ كُلُّ حدیثٍ جَاوَزَ اثْنَیْنِ فَشی[116]. كُلُّ مُقْتَصَرٍ عَلَیْهِ كَافٍ، وَ كُلُّ مَا زَادَ عَلَی الاِقْتِصَادِ إِسْرَافٌ، وَ أَفْضَلُ الْفِعَالِ صِیَانَةُ [صفحه 160] الْعِرْضِ بِالْمَالِ. لَیْسَ مَنْ خَالَطَ الأَشْرَارَ بِذی مَعْقُولٍ، وَ لَیْسَ مَنْ أَسَاءَ إِلی نَفْسِهِ بِذی مَأْمُولٍ، وَ مَنْ أَمْسَكَ عَنِ الْفُضُولِ عَدَلَتْ رَأْیُهُ الْعُقُولَ، [ وَ ] مَنْ أَمْسَكَ عَنْ فُضُولِ الْمَقَالِ شَهِدَتْ بِعَقْلِهِ الرِّجَالُ، وَ مَنْ جَالَسَ الْجَاهِلَ فَلْیَسْتَعِدَّ لِلْقیلَ وَ الْقَالَ. أَیُّهَا النَّاسُ، لَوْ أَنَّ الْمَوْتَ یُشْتَری لاشْتَرَاهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْیَا الْكَریمُ الأَبْلَجُ، وَ اللَّئیمُ الْمُلَهْوَجُ. أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّ لِلْقُلُوبِ شَوَاهِدَ تُجْرِی الأَنْفُسَ عَنْ مَدْرَجَةِ أَهْلِ التَّفْریطِ، وَ فِطْنَةُ الْفَهْمِ لِلْمَوَاعِظِ مِمَّا یَدْعُو النَّفْسَ إِلَی الْحَذَرِ مِنَ الْخَطَرِ، وَ لِلْقُلُوبِ خَوَاطِرُ الْهَوی، وَ الْعُقُولُ تَزْجُرُ وَ تَنْهی. وَ[117] عِنْدَ تَنَاهِی الشِّدَّةِ تَكُونُ الْفُرْجَةُ، وَ عِنْدَ تَضَایُقِ حَلَقِ الْبَلاَءِ یَكُونُ الرَّخَاءُ، وَ مَعَ الْعُسْرِ یَكُونُ الْیُسْرُ. [ وَ ] فِی التَّجَارِبِ عِلْمٌ مُسْتَأْنَفٌ[118]، وَ مِنَ التَّوْفیقِ حِفْظُ التَّجْرِبَةِ، وَ الاِعْتِبَارُ مُنْذِرٌ نَاصِحٌ یَقُودُ إِلَی الرَّشَادِ[119]. مَا أَكْثَرَ الْعِبَرَ[120] وَ أَقَلَّ الاِعْتِبَارَ، فَالْعِبَرُ قَدْ بَلَغَتْ فِی الْكَثْرَةِ الْغَایَةَ، وَ الاِعْتِبَارُ قَدْ بَلَغَ فِی الْقِلَّةِ النِّهَایَةَ[121]. كَفَاكَ مِنْ عَقْلِكَ مَا أَوْضَحَ لَكَ سَبیلَ غَیِّكَ مِنْ رُشْدِكَ، [ وَ ] كَفَاكَ مِنْ أَمْرِ الدّینِ أَنْ تَعْرِفَ مَا لاَ یَسَعُ جَهْلُهُ[122]، وَ كَفَاكَ[123] أَدَباً لِنَفْسِكَ تَجَنُّبُكَ[124] مَا كَرِهْتَهُ لِغَیْرِكَ[125]، وَ عَلَیْكَ لأَخیكَ الْمُؤْمِنِ مِثْلُ [صفحه 161] الَّذی لَكَ عَلَیْهِ[126]، وَ لَقَدْ خَاطَرَ بِنَفْسِهِ[127] مَنِ اسْتَغْنی بِرَأْیِهِ. لَیْسَ النَّجَاحُ مَعَ الأَخَفِّ الأَعْجَلِ، وَ التَّدَبُّرُ قَبْلَ الْعَمَلِ یُؤَمِّنُكَ مِنَ النَّدَمِ. إِذَا أَمْكَنَتْكَ الْفُرْصَةُ فَانْتَهِزْهَا، فَإِنَّ[128] إِضَاعَةُ الْفُرْصَةِ غُصَّةٌ. مُقَارَبَةُ النَّاسِ فی أَخْلاَقِهِمْ أَمْنٌ مِنْ غَوَائِلِهِمْ، وَ مُنَاقَشَةُ الْعُلَمَاءِ تُنْتِجُ فَوَائِدَهُمْ، وَ تُكْسِبُ فَضَائِلَهُمْ[129]. مَنِ اسْتَقْبَلَ وُجُوهَ الآرَاءِ عَرَفَ مَوَاقِعَ الْخَطَأِ، وَ مَنْ جَهِلَ وُجُوهَ الآرَاءِ أَعْیَتْهُ الْحِیَلُ. اَلْهَوی عَدُوُّ الْعَقْلِ، وَ اللَّهْوُ مِنْ ثَمَارِ الْجَهْلِ. مَنْ مَلَكَ شَهْوَتَهُ كَمُلَتْ مُرُوءَتُهُ، وَ حَسُنَتْ عَاقِبَتُهُ[130]، وَ مَنْ كَرُمَتْ عَلَیْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَیْهِ شَهْوَتُهُ، وَ مَنْ حَصَّنَ شَهْوَتَهُ فَقَدْ صَانَ قَدْرَهُ، وَ مَنْ أَمْسَكَ لِسَانَهُ أَمِنَهُ قَوْمُهُ، وَ نَالَ حَاجَتَهُ[131]، وَ مَنْ قَضی حَقَّ مَنْ لاَ یَقْضی حَقَّهُ فَقَدْ عَبَّدَهُ. [ وَ ] مَنْ یُعْطِ بِالْیَدِ الْقَصیرَةِ یُعْطَ بِالْیَدِ الطَّویلَةِ. مَنْ ضَنَّ بِعِرْضِهِ فَلْیَدَعِ الْمِرَاءَ. [صفحه 162] وَ فی تَقَلُّبِ الأَحْوَالِ عِلْمُ جَوَاهِرِ الرِّجَالِ، وَ فی غُرُورِ الآمَالِ انْقِضَاءُ الآجَالِ، وَ الأَیَّامُ تُوضِحُ لَكَ السَّرَائِرَ الْكَامِنَةَ[132]. مَنْ لاَنَ عُودُهُ كَثُفَتْ[133] أَغْصَانُهُ، وَ مَنْ حَسُنَتْ خَلیفَتُهُ طَابَتْ عِشْرَتُهُ، وَ مَنْ حَسُنَتْ عِشْرَتُهُ[134] كَثُرَ إِخْوَانُهُ، وَ مَنِ اسْتَطَالَ عَلَی الاِخْوَانِ لَمْ یُخْلِصْ لَهُ إِنْسَانٌ، وَ مَنْ مَنَعَ الاِنْصَافَ سَلَبَهُ الاِمْكَانُ. وَ مَنْ عُرِفَ بِالْحِكْمَةِ لَحَظَتْهُ الْعُیُونُ بِالْهَیْبَةِ وَ الْوَقَارِ، وَ مَنْ تَعَرَّی عَنِ الْوَرَعِ ادَّرَعَ جِلْبَابَ الْعَارِ. عِزُّ الْمُؤْمِنِ غِنَاهُ عَنِ النَّاسِ[135]، وَ الْعَفَافُ زینَةُ الْفَقْرِ، وَ الشُّكْرُ زینَةُ الْغِنی، وَ الصَّبْرُ زینَةُ الْبَلْوی[136]، وَ التَّوَاضُعُ زینَةُ الْحَسَبِ، وَ الْفَصَاحَةُ زینَةُ اللِّسَانِ، وَ الْعَدْلُ زینَةُ الإیمَانِ[137]، وَ السَّكینَةُ زینَةُ الْعِبَادَةِ، وَ الْحِفْظُ زینَةُ الرِّوَایَةِ، وَ خَفْضُ الْجَنَاحِ زینَةُ الْعِلْمِ، وَ حُسْنُ الأَدَبِ زینَةُ الْعَقْلِ، وَ بَسْطُ الْوَجْهِ زینَةُ الْحِلْمِ، وَ الاِیثَارُ زینَةُ الزُّهْدِ، وَ بَذْلُ الْمَجْهُودِ زینَةُ النَّفْسِ، وَ كَثْرَةُ الْبُكَاءِ زینَةُ الْخَوْفُ، وَ التَّقَلُّلُ زینَةُ الْقَنَاعَةِ، وَ تَرْكُ الْمَنِّ زینَةُ الْمَعْرُوفِ، وَ الْخُشُوعُ زینَةُ الصَّلاَةِ، وَ تَرْكُ مَا لاَ یَعْنی زینَةُ الْوَرَعِ. وَ[138] أَشْرَفُ الْغِنی تَرْكُ الْمُنی، [ وَ ] الْغِنَی الأَكْبَرُ الْیَأْسُ عَمَّا فی أَیْدِی النَّاسِ، وَ الْقَنَاعَةُ مَالٌ لاَ یَنْفَدُ. اَلْمَالُ مَادَّةُ الشَّهَوَاتِ، وَ الدُّنْیَا مَحَلُّ الآفَاتِ، وَ الصَّبْرُ جُنَّةٌ مِنَ الْفَاقَةِ، وَ الْحِرْصُ عَلاَمَةُ [صفحه 163] الْفَقْرِ، وَ الْبُخْلُ جِلْبَابُ الْمَسْكَنَةِ[139]. اَلْعَجَبُ لِغَفْلَةِ الْحُسَّادِ عَنْ سَلاَمَةِ الأَجْسَادِ، [ وَ ] لِغَفْلَةِ ذَوِی الأَلْبَابِ عَنْ حُسْنِ الاِرْتِیَادِ، وَ الاِسْتِعْدَادِ لِلْمَعَادِ[140]. فَقْدُ الأَحِبَّةِ غُرْبَةٌ، وَ الْمَوَدَّةُ قَرَابَةٌ مُسْتَفَادَةٌ، وَ وَصُولٌ مُعْدَمٌ خَیْرٌ مِنْ جَافٍ مُكْثِرٍ، وَ وَجْهٌ مُسْتَبْشِرٌ خَیْرٌ مِنْ قَطُوبٍ مُوسِرٍ، [ وَ ] الرَّدُّ الْجَمیلُ خَیْرٌ مِنَ الْمَطَلِ الطَّویلِ، وَ الْمَوْعِظَةُ كَهْفٌ لِمَنْ وَعَاهَا، وَ الأَمَانَةُ فَوْزٌ لِمَنْ رَعَاهَا. مَنْ أَطْلَقَ غَضَبَهُ تَعَجَّلَ حَتْفَهُ، وَ مَنْ أَطْلَقَ طَرْفَهُ كَثُرَ أَسَفُهُ، وَ مَنْ غَلَبَ شَهْوَتَهُ ظَهَرَ عَقْلُهُ، وَ مَنْ غَلَبَ لِسَانَهُ أَمَّرَهُ قَوْمُهُ، وَ مَنْ ضَاقَ خُلُقُهُ مَلَّهُ أَهْلُهُ، وَ فی سِعَةِ الأَخْلاَقِ كُنُوزُ الأَرْزَاقِ. مَنْ لَمْ یَطْلُبْ لَمْ یَجِدْ وَ أَفْضی إِلَی الْفَسَادِ[141]، وَ مَنْ طَلَبَ شَیْئاً نَالَهُ أَوْ بَعْضَهُ، وَ مَنْ نَالَ اسْتَطَالَ، وَ مَنْ عَقَلَ اسْتَقَالَ، وَ قَدْ أَوْجَبَ الدَّهْرُ شُكْرَهُ عَلی مَنْ نَالَ سُؤْلَهُ. وَ قَلَّ مَا یُنْصِفُكَ لِسَانٌ فی نَشْرِ قَبیحٍ أَوْ إِحْسَانٍ، وَ قَلَّ مَا تَدُومُ مَوَدَّةُ الْمُلُوكِ وَ الْخُوَّانِ، وَ قَلَّ مَا تَصْدُقُكَ الأُمْنِیَّةُ، وَ التَّوَاضُعُ یَكْسُوكَ الْمَهَابَةَ. كَمْ مِنْ عَاكِفٍ عَلی ذَنْبِهِ تَابَ فی آخِرِ أَیَّامِ عُمُرِهِ[142]. وَ مَنْ كَسَاهُ الْحَیَاءُ ثَوْبَهُ لَمْ یَرَ[143] النَّاسُ عَیْبَهُ، وَ مَنْ قَارَنَ ضِدَّهُ كَشَفَ عَیْبَهُ، وَ عَذَّبَ قَلْبَهُ، [صفحه 164] وَ تَحَرَّ الْقَصْدَ مِنَ الأُمُورِ، فَإِنَّهُ مَنْ تَحَرَّی الْقَصْدَ خَفَّتْ عَلَیْهِ الْمَؤُونُ، وَ فی خِلاَفِ النَّفْسِ رُشْدُكَ. مَنْ عَرَفَ الأَیَّامَ لَمْ یَغْفَلْ عَنِ الاِسْتِعْدَادِ، وَ مَنِ اسْتَصْلَحَ الأَضْدَادَ بَلَغَ الْمُرَادَ. أَلاَ وَ إِنَّ مَعَ كُلِّ جُرْعَةٍ شَرَقاً، وَ إِنَّ لِكُلِّ أَكْلَةٍ غَصَصاً[144]، [ وَ ] كَمْ مِنْ أَكْلَةٍ مَنَعَتْ أَكَلاَتٍ. لاَ یَنْبَغی لِلْعَبْدِ أَنْ یَثِقَ بِخَصْلَتَیْنِ: اَلْعَافِیَةِ، وَ الْغِنی. بَیْنَا تَرَاهُ مَعَافی إِذْ سَقِمَ، وَ بَیْنَا تَرَاهُ غَنِیّاً إِذِ افْتَقَرَ. وَ لاَ تُنَالُ نِعْمَةٌ إِلاَّ بِزَوَالِ أُخْری. وَ لِكُلِّ ذی رَمَقٍ قُوتٌ، وَ لِكُلِّ حَبَّةٍ آكِلٌ، وَ أَنْتُمْ قُوتُ الْمَوْتِ[145]. لِكُلِّ امْرِئٍ فی مَالِهِ شَریكَانِ: اَلْوَارِثُ، وَ الْحَوَادِثُ. وَ بِئْسَ الزَّادُ إِلَی الْمَعَادِ الْعُدْوَانُ عَلَی[146] الْعِبَادِ. إِعْلَمُوا، أَیُّهَا النَّاسُ، أَنَّهُ مَنْ مَشی عَلی وَجْهِ الأَرْضِ فَإِنَّهُ یَصیرُ إِلی بَطْنِهَا، وَ أَنَّ اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ یَتَسَارَعَانِ فی هَدْمِ الأَعْمَارِ[147]. مَنْ تَذَكَّرَ بُعْدَ السَّفَرِ اسْتَعَدَّ، وَ مَنْ أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ رَضِیَ مِنَ الدُّنْیَا بِالْكَفَافِ[148]، وَ مَنْ قَنِعَتْ نَفْسُهُ أَعَانَتْهُ عَلَی النَّزَاهَةِ وَ الْعَفَافِ، وَ مَنْ كَرُمَتْ نَفْسُهُ اسْتَهَانَ بِالْبَذْلِ وَ الاِسْعَافِ[149]. [صفحه 165] وَ مَنْ عَلِمَ أَنَّ كَلاَمَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلاَمُهُ إِلاَّ فیمَا یَعْنیهِ. وَ لَوْ لَمْ یُرَغِّبِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فی طَاعَتِهِ لَوَجَبَ أَنْ یُطَاعَ رَجَاءَ رَحْمَتِهِ[150]، [ وَ ] لَوْ لَمْ یَتَوَعَّدِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَی مَعْصِیَتِهِ لَكَانَ یَجِبُ أَنْ لاَ یُعْصی شُكْراً لِنِعْمَتِهِ، وَ لَوْ لَمْ یَنْهَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ مَحَارِمِهِ لَوَجَبَ أَنْ یَجْتَنِبَهَا الْعَاقِلُ. لاَ یَغُشُّ الْعَاقِلُ مَنِ اسْتَنْصَحَهُ. شَفیعُ الْمُذْنِبِ إِقْرَارُهُ، وَ تَوْبَتُهُ اعْتِذَارُهُ. اَلْعَجَبُ مِمَّنْ یَخَافُ الْعِقَابَ فَلاَ یَكُفُّ، وَ یَرْجُو الثَّوَابَ وَ لاَ یَتُوبُ[151]. بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ الْمَوْعِظَةِ حِجَابٌ مِنَ الْغِرَّةِ، وَ عَمَلُ الْفِكْرِ یُورِثُ نُوراً[152]. قَطَعَ الْعِلْمُ عُذْرَ الْمُتَعَلِّلینَ. وَ إِنَّ الْغَفْلَةَ ظُلْمَةٌ، وَ الْجَهَالَةَ ضَلاَلَةٌ. لَیْسَ مَعَ قطیعَةِ الرَّحِمِ نَمَاءٌ، وَ لاَ مَعَ الْفُجُورِ غَنَاءٌ، وَ لاَ مَعَ الْعَدْلِ ظُلْمٌ، وَ لاَ مَعَ الْقَتْلِ عَدْلٌ. اَلْعَافِیَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ، تِسْعَةٌ مِنْهَا فِی الصَّمْتِ إِلاَّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ وَاحِدَةٌ فی تَرْكِ مُجَالَسَةِ السُّفَهَاءِ. رَأْسُ الْعِلْمِ الرِّفْقُ، وَ آفَتُهُ الْخُرْقُ. وَ مِنْ كُنُوزِ الإیمَانِ الصَّبْرُ عَلَی الرَّزَایَا وَ كِتْمَانُ الْمَصَائِبِ[153]. [ وَ ] مِنَ الْعِصْمَةِ تَعَذُّرُ الْمَعَاصی. كَثْرَةُ الزِّیَارَةِ تُورِثُ الْمَلاَلَةَ. وَ كَثْرَةُ الْوِفَاقِ نِفَاقٌ. وَ كَثْرَةُ الْخِلاَفِ شِقَاقٌ. وَ الطُّمَأْنینَةُ قَبْلَ الْخُبْرَةِ ضِدُّ الْحَزْمِ[154]. [صفحه 166] وَ عُجْبُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ أَحَدُ حُسَّادِ عَقْلِهِ[155]. لاَ تُؤْیِسْ مُذْنِباً، فَكَمْ مِنْ عَاكِفٍ عَلی ذَنْبِهِ خُتِمَ لَهُ بِخَیْرٍ، وَ كَمْ مِنْ مُقْبِلٍ عَلی عَمَلِهِ مُفْسِدٌ لَهُ فی آخِرِ عُمُرِهِ صَائِرٌ إِلَی النَّارِ؟. أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مِنَ الْكَرَمِ لینُ الْكَلاَمِ، وَ مِنَ الْعِبَادَةِ إِظْهَارُ اللِّسَانِ وَ إِفْشَاءُ السَّلاَمِ[156]. إِحْذَرُوا صَوْلَةَ الْكَریمِ إِذَا جَاعَ، وَ أَشَرَ[157] اللَّئیمِ إِذَا شَبِعَ. كَفی بِالْقَنَاعَةِ مُلْكاً، وَ بِالشَّرِّ هَلْكاً[158]، وَ بِحُسْنِ الْخُلْقِ نَعیماً. اَلنِّفَاقُ مِنْ أَثَافِیِّ الذُّلِّ[159]، وَ الطَّامِعُ أَبَداً[160] فی وِثَاقِ الذُّلِّ. مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ رَبِحَ، وَ مَنْ غَفِلَ عَنْهَا خَسِرَ، وَ مَنْ خَافَ أَمِنَ، وَ مَنِ اعْتَبَرَ أَبْصَرَ، وَ مَنْ أَبْصَرَ فَهِمَ، وَ مَنْ فَهِمَ عَلِمَ، وَ مَنْ تَفَكَّرَ اعْتَبَرَ، وَ مَنِ اعْتَبَرَ اعْتَزَلَ، وَ مَنِ اعْتَزَلَ سَلِمَ، وَ مَنْ تَرَكَ الشَّهَوَاتِ كَانَ حُرّاً، وَ مَنْ تَرَكَ الْحَسَدَ كَانَتْ لَهُ الْمَحَبَّةُ عِنْدَ النَّاسِ. أَلاَ وَ مَنْ أَسْرَعَ فِی الْمَسیرِ أَدْرَكَهُ الْمَقیلُ[161]. عَیْبُكَ مَسْتُورٌ مَا أَسْعَدَكَ جَدُّكَ. وَ اسْتُرْ عَوْرَةَ أَخیكَ لِمَا تَعْلَمُهُ فیكَ، وَ اغْتَفِرْ زَلَّةَ صَدیقِكَ لِیَوْمٍ یَرْكَبُكَ عَدُوُّكَ. وَ إِیَّاكَ وَ الْخَدیعَةَ فَإِنَّهَا مِنْ خُلْقِ اللِّئَامِ. [صفحه 167] وَ لاَ تَرْغَبْ فیمَنْ زَهِدَ فیكَ[162]. وَ لاَ تَأْمَنَنَّ مَلُولاً وَ إِنْ تَحَلَّی بِالصِّلَةِ، فَإِنَّهُ لَیْسَ فِی الْبَرْقِ الْخَاطِفِ مُسْتَمْتَعٌ لِمَنْ یَخُوضُ فِی الظُّلْمَةِ[163]. لَیْسَ مِنَ الْعَدْلِ الْقَضَاءُ عَلَی الثِّقَةِ بِالظَّنِّ. شَرُّ الإِخْوَانِ مَنْ تُكُلِّفَ لَهُ، وَ خَیْرُهُمْ مَنْ أَحْدَثَتْ رُؤْیَتُهُ ثِقَةً بِهِ، وَ أَهْدَتْ إِلَیْكَ غَیْبَتُهُ طُمَأْنینَةً إِلَیْهِ. حُسْنُ الْعِشْرَةِ یَسْتَدیمُ الْمَوَدَّةَ[164]، وَ حَسَدُ الصَّدیقِ مِنْ سُقْمِ الْمَوَدَّةِ. مَنْ غَضِبَ عَلی مَنْ لاَ یَقْدِرُ عَلی ضَرِّهِ طَالَ حُزْنُهُ وَ عَذَّبَ نَفْسَهُ. أَیُّهَا النَّاسُ، مَنْ خَافَ رَبَّهُ كَفَّ ظُلْمَهُ، وَ مَنْ لَمْ یَرْعَ فی كَلاَمِهِ أَظْهَرَ هَجْرَهُ. وَ مَنْ لَمْ یَعْرَفِ الْخَیْرَ مِنَ الشَّرِّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَهیمَةِ. مَا أَصْغَرَ الْمُصیبَةَ مَعَ عِظَمِ الْفَاقَةِ غَداً. هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ، مَا تَنَاكَرْتُمْ إِلاَّ لِمَا فیكُمْ مِنَ الْمَعَاصی وَ الذُّنُوبِ. فَمَا أَقْرَبَ الرَّاحَةَ مِنَ التَّعَبِ، وَ مَا أَقْرَبَ الْبُؤْسَ مِنَ النَّعیمِ. وَ[165] مَا خَیْرٌ بِخَیْرٍ بَعْدَهُ النَّارُ، وَ مَا شَرٌّ بِشَرٍّ بَعْدَهُ الْجَنَّةُ. وَ كُلُّ نَعیمٍ دُونَ الْجَنَّةِ مَحْقُورٌ[166]، وَ كُلُّ بَلاَءٍ دُونَ النَّارِ عَافِیَةٌ. [صفحه 168] أَلاَ وَ إِنَّ مِنَ الْبَلاَءِ الْفَاقَةُ، وَ أَشَدُّ مِنَ الْفَاقَةِ مَرَضُ الْبَدَنِ، وَ أَشَدُّ مِنْ مَرَضِ الْبَدَنِ مَرَضُ الْقَلْبِ. أَلاَ وَ إِنَّ مِنَ النِّعَمِ سَعَةُ الْمَالِ، وَ أَفْضَلُ مِنْ سَعَةِ الْمَالِ صِحَّةُ الْبَدَنِ، وَ أَفْضَلُ مِنْ صِحَّةِ الْبَدَنِ تَقْوَی الْقَلْبِ. وَ عِنْدَ تَصْحیحِ الضَّمَائِرِ تَبْدُو الْكَبَائِرُ. وَ تَصْفِیَةُ الْعَمَلِ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَلِ، وَ تَخْلیصُ النِّیَّةِ مِنَ الْفَسَادِ أَشَدُّ عَلَی الْعَامِلینَ مِنْ طُولِ الْجِهَادِ. هَیْهَاتَ، هَیْهَاتَ، لَوْ لاَ الدّینُ وَ التُّقی لَكُنْتُ أَدْهَی الْعَرَبِ. [ أَیُّهَا النَّاسُ، ] عَلَیْكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ تَعَالی فِی الْغَیْبِ وَ الشَّهَادَةِ، وَ بِكَلِمَةِ الْحَقِّ فِی الرِّضَا وَ الْغَضَبِ، وَ بِالْقَصْدِ فِی الْغِنی وَ الْفَقْرِ، وَ بِالْعَدْلِ عَلَی الصَّدیقِ وَ الْعَدُوِّ، وَ بِالْعَمَلِ فِی النَّشَاطِ وَ الْكَسَلِ، وَ بِالرِّضَا عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الشِّدَّةِ وَ الرَّخَاءِ. تَجَنَّبُوا الأَمَانِیَّ، فَإِنَّهَا تُذْهِبُ بَهْجَةَ مَا خُوِّلْتُمْ، وَ تُصَّغِّرُ مَوَاهِبُ اللَّهِ عِنْدَكُمْ، وَ تُعْقِبُكُمُ الْحَسَرَاتِ عَلی مَا أَوْهَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ. طُوبی لِمَنْ أَخْلَصَ للَّهِ عِلْمَهُ وَ عَمَلَهُ، وَ حُبَّهُ وَ بُغْضَهُ، وَ أَخْذَهُ وَ تَرْكَهُ، وَ كَلاَمَهُ وَ صَمْتَهُ، وَ فِعْلَهُ وَ قَوْلَهُ. وَ بَخٍ بَخٍ لِعَالِمٍ عَلِمَ فَكَفِّ، وَ عَمِلَ فَجَدَّ، وَ خَافَ الْبَیَاتَ فَاسْتَعَدَّ، إِنْ سُئِلَ نَصَحَ، وَ إِنْ تُرِكَ صَمَتَ. كَلاَمُهُ صَوَابٌ، وَ سُكُوتُهُ عَنْ غَیْرِ عَیٍّ فِی الْجَوَابِ. وَ الْوَیْلُ كُلُّ الْوَیْلِ لِمَنْ بُلِیَ بِحِرْمَانٍ وَ خِذْلاَنٍ وَ عِصْیَانٍ، فَاسْتَحْسَنَ لِنَفْسِهِ مَا یَكْرَهُهُ لِغَیْرِهِ، وَ أَزْری عَلَی النَّاسِ بِمِثْلِ مَا یَأْتی. وَ لاَ یَكُونُ الْمُسْلِمُ مُسْلِماً حَتَّی یَكُونَ وَرِعاً، وَ لَنْ یَكُونَ وَرِعاً حَتَّی یَكُونَ زَاهِداً، وَ لَنْ یَكُونَ زَاهِداً حَتَّی یَكُونَ حَازِماً، وَ لَنْ یَكُونَ حَازِماً حَتَّی یَكُونَ عَاقِلاً. وَ مَا الْعَاقِلُ إِلاَّ مَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ وَ عَمِلَ لِلدَّارِ الْآخِرَةِ. أَیُّهَا النَّاسُ[167]، كَانَ فِی الأَرْضِ أَمَانَانِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی، وَ قَدْ رُفِعَ [صفحه 169] أَحَدُهُمَا فَدُونَكُمُ الآخَرَ فَتَمَسَّكُوا بِهِ: أَمَّا الأَمَانُ الَّذی رُفِعَ فَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. وَ أَمَّا الأَمَانُ الْبَاقی فَهُوَ الاِسْتِغْفَارُ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ[168]: وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِیُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فیهِمْ وَ مَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ یَسْتَغْفِرُونَ[169]. أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالی وَعَدَ نَبِیَّهُ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ الْوَسیلَةَ، وَ وَعْدُهُ الْحَقُّ، وَ لَنْ یُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ. أَلاَ وَ إِنَّ الْوَسیلَةَ أَعْلی دَرَجِ الْجَنَّةِ، وَ ذِرْوَةُ ذَوَائِبِ الزُّلْفَةِ، وَ نِهَایَةُ غَایَةِ الأُمْنِیَّةِ. لَهَا أَلْفُ مِرْقَاةٍ، مَا بَیْنَ الْمِرْقَاةِ وَ الْمِرْقَاةِ حَضَرُ الْفَرَسِ الْجَوَادِ مِائَةَ عَامٍ. وَ هِیَ مَا بَیْنَ مِرْقَاةِ دُرَّةٍ، إِلی مِرْقَاةِ جَوْهَرَةٍ، إِلی مِرْقَاةِ زِبَرْجَدَةٍ، إِلی مِرْقَاةِ لُؤَْلُؤَةٍ، إِلی مِرْقَاةِ یَاقُوتَةٍ، إِلی مِرْقَاةِ زُمُرُّدَةٍ، إِلی مِرْقَاةِ مَرْجَانَةٍ، إِلی مِرْقَاةِ كَافُورٍ، إِلی مِرْقَاةِ عَنْبَرٍ، إِلی مِرْقَاةِ یَلَنْجُوجَ، إِلی مِرْقَاةِ ذَهَبٍ، إِلی مِرْقَاةِ غَمَامٍ، إِلی مِرْقَاةِ هَوَاءٍ، إِلی مِرْقَاةِ نُورٍ، قَدْ أَنَافَتْ عَلی كُلِّ الْجِنَانِ، وَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَوْمَئِذٍ قَاعِدٌ عَلَیْهَا، مُرْتَدٍ بِریطَتَیْنِ: ریطَةٍ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَ ریطَةٍ مِنْ نُورِ اللَّهِ، عَلَیْهِ تَاجُ النُّبُوَّةِ، وَ إِكْلیلُ الرِّسَالَةِ، قَدْ أَشْرَقَ بِنُورِهِ الْمَوْقِفُ. وَ أَنَا یَوْمَئِذٍ عَلَی الدَّرَجَةِ الرَّفیعَةِ وَ هِیَ دُونَ دَرَجَتِهِ، وَ عَلَیَّ ریطَتَانِ: ریطَةٌ مِنْ أُرْجُوَانِ النُّورِ، وَ ریطَةٌ مِنْ كَافُورٍ. وَ الرُّسُلُ وَ الأَنْبِیَاءُ قَدْ وَقَفُوا عَلَی الْمَرَاقی، وَ أَعْلاَمُ الأَزْمِنَةِ وَ حُجَجُ الدُّهُورِ عَنْ أَیْمَانِنَا، وَ قَدْ تَجَلَّلَتْهُمْ حُلَلُ النُّورِ وَ الْكَرَامَةِ. لاَ یَرَانَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لاَ نَبِیٌّ مُرْسَلٌ اِلاَّ بُهِتَ بِأَنْوَارِنَا، وَ عَجِبَ مِنْ ضِیَائِنَا وَ جَلاَلَتِنَا. وَ عَنْ یَمینِ الْوَسیلَةِ عَنْ یَمینِ الرَّسُولِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ غَمَامَةٌ بَسْطَةَ الْبَصَرِ، یَأْتِی مِنْهَا النِّدَاءُ: یَا أَهْلَ الْمَوْقِفِ، طُوبی لِمَنْ أَحَبَّ الْوَصِیَّ، وَ آمَنَ بِالنَّبِیِّ الأُمِّیِّ الْعَرَبِیِّ، وَ مَنْ كَفَرَ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ. وَ عَنْ یَسَارِ الْوَسیلَةِ عَنْ یَسَارِ الرَّسُولِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، ظِلَّةٌ یَأْتی مِنْهَا النِّدَاءُ: یَا أَهْلَ الْمَوْقِفِ، طُوبی لِمَنْ أَحَبَّ الْوَصِیَّ، وَ آمَنَ بِالنَّبِیِّ الأُمِّیِّ. وَ الَّذی لَهُ الْمُلْكُ الأَعْلی، لاَ فَازَ أَحَدٌ، وَ لاَ نَالَ الرَّوْحَ وَ الْجَنَّةَ، إِلاَّ مَنْ لَقِیَ خَالِقَهُ بِالاِخْلاَصِ لَهُمَا، [صفحه 170] وَ الاِقْتِدَاءِ بِنُجُومِهِمَا. فَأَیْقِنُوا، یَا أَهْلَ وِلاَیَةِ اللَّهِ، بِبَیَاضِ وُجُوهِكُمْ، وَ شَرَفِ مَقْعَدِكُمْ، وَ كَرَمِ مَآبِكُمْ، وَ بِفَوْزِكُمُ الْیَوْمَ عَلی سُرُرٍ مُتَقَابِلینَ. یَا أَهْلَ الاِنْحِرَافِ وَ الصُّدُودِ عَنِ اللَّهِ عَزَّ ذِكُرُهُ وَ رَسُولِهِ وَ صِرَاطِهِ وَ أَعْلاَمِ الأَزْمِنَةِ، أَیْقِنُوا بِسَوَادِ وُجُوهِكُمْ، وَ غَضَبِ رَبِّكُمْ، جَزَاءً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. وَ مَا مِنْ رَسُولٍ سَلَفَ، وَ لاَ نَبِّیٍّ مَضی، إِلاَّ وَ قَدْ كَانَ مُخْبِراً أُمَّتَهُ بِالْمُرْسَلِ الْوَارِدِ مِنْ بَعْدِهِ، وَ مُبَشِّراً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، وَ مُوصِیاً قَوْمَهُ بِاتِّبَاعِهِ، وَ مُحَلّیهِ عِنْدَ قَوْمِهِ، لِیَعْرِفُوهُ بِصِفَتِهِ، وَ لِیَتَّبِعُوهُ عَلی شَریعَتِهِ، وَ لِئَلاَّ یَضِلُّوا فیهِ مِنْ بَعْدِهِ، فَیَكُونَ مَنْ هَلَكَ أَوْ ضَلَّ بَعْدَ وُقُوعِ الاِعْذَارِ وَ الانْذَارِ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ تَعْیینِ حُجَّةٍ. فَكَانَتِ الأُمَمُ فی رَجَاءٍ مِنَ الرُّسُلِ، وَ وُرُودٍ مِنَ الأَنْبِیَاءِ. وَ لَئِنْ أُصیبَتْ بِفَقْدِ نَبِیٍّ بَعْدَ نَبِیٍّ عَلی عِظَمِ مَصَائِبِهِمْ وَ فَجَائِعِهَا بِهِمْ، فَقَدْ كَانَتْ عَلی سِعَةٍ مِنَ الأَمَلِ. وَ لاَ مُصیبَةَ عَظُمَتْ وَ لاَ رَزِیَّةَ جَلَّتْ كَالْمُصیبَةِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، لأَنَّ اللَّهَ خَتَمَ بِهِ الاِنْذَارَ وَ الاِعْذَارَ، وَ قَطَعَ بِهِ الاحْتِجَاجَ وَ الْعُذْرَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ خَلْقِهِ، وَ جَعَلَهُ بَابَهُ الَّذی بَیْنَهُ وَ بَیْنَ عِبَادِهِ، وَ مُهَیْمِنَهُ الَّذی لاَ یَقْبَلُ إِلاَّ بِهِ، وَ لاَ قُرْبَةَ إِلَیْهِ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ، وَ قَالَ فی مُحْكَمِ كِتَابِهِ: مَنْ یُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَ مَنْ تَوَلَّی فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَیْهِمْ حَفیظاً[170]. فَقَرَنَ طَاعَتَهُ بِطَاعَتِهِ، وَ مَعْصِیَتَهُ بِمَعْصِیَتِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ دَلیلاً عَلی مَا فَوَّضَ إِلَیْهِ، وَ شَاهِداً لَهُ عَلی مَنِ اتَّبَعَهُ وَ عَصَاهُ. وَ بَیَّنَ ذَلِكَ فی غَیْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْكِتَابِ الْعَظیمِ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالی فِی التَّحْریضِ عَلَی اتِّبَاعِهِ، وَ التَّرْغیبِ فی تَصْدیقِهِ، وَ الْقَبُولِ لِدَعْوَتِهِ: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونی یُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ یَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ[171]. فَاتِّبَاعُهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، مَحَبَّةُ اللَّهِ، وَ رِضَاهُ غُفْرَانُ الذُّنُوبِ، وَ كَمَالُ الْفَوْزِ، وَ وُجُوبُ الْجَنَّةِ. وَ فِی التَّوَلّی عَنْهُ وَ الاِعْرَاضِ مُحَادَّةُ اللَّهِ وَ غَضَبُهُ وَ سَخَطُهُ، وَ الْبُعْدُ مِنْهُ مَسْكَنُ النَّارِ، وَ ذَلِكَ [صفحه 171] قَوْلُهُ: وَ مَنْ یَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ[172]. یَعْنِی الْجُحُودَ بِهِ وَ الْعِصْیَانَ لَهُ. [ أَیُّهَا النَّاسُ، ] إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ امْتَحَنَ بی عِبَادَهُ، وَ قَتَلَ بِیَدی أَضْدَادَهُ، وَ أَفْنی بِسَیْفی جُحَّادَهُ، وَ جَعَلَنی زُلْفَةً لِلْمُؤْمِنینَ، وَ حِیَاضَ مَوْتٍ عَلَی الْجَبَّارینَ، وَ سَیْفَهُ عَلَی الْمُجْرِمینَ، وَ شَدَّ بی أَزْرَ رَسُولِهِ، وَ أَكْرَمَنِی بِنَصْرِهِ، وَ شَرَّفَنی بِعِلْمِهِ، وَ حَبَانی بِأَحْكَامِهِ، وَ اخْتَصَّنی بِوَصِیَّتِهِ، وَ اصْطَفَانی بِخِلاَفَتِهِ فی أُمَّتِهِ. فَقَالَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، وَ قَدْ حَشَدَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَ الأَنْصَارُ، وَ انْغَصَّتْ بِهِمُ الْمَحَافِلُ: أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّ عَلِیّاً مِنّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسی إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِیَّ بَعْدی. فَعَقِلَ الْمُؤْمِنُونَ عَنِ اللَّهِ نَطَقَ الرَّسُولُ، إِذْ عَرَفُونی أَنّی لَسْتُ بِأَخیهِ لأَبیهِ وَ أُمِّهِ كَمَا كَانَ هَارُونَ أَخَا مُوسی لأَبیهِ وَ أُمِّهِ، وَ لاَ كُنْتُ نَبِیّاً فَأَقْتَضی نُبُوَّةً. وَ لكِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ اسْتِخْلاَفاً لی كَمَا اسْتَخْلَفَ مُوسی هَارُونَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ حَیْثُ یَقُولُ: أُخْلُفْنی فی قَوْمی وَ أَصْلِحْ وَ لاَ تَتَّبِعْ سَبیلَ الْمُفْسِدینَ[173]. وَ قَوْلُهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ حینَ تَكَلَّمَتْ طَائِفَةٌ فَقَالَتْ: نَحْنُ مَوَالی رَسُولِ اللَّهِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، إِلی حَجَّةِ الْوِدَاعِ، ثُمَّ صَارَ إِلی غَدیرِ خُمٍّ، فَأَمَرَ فَأُصْلِحَ لَهُ شِبْهُ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ عَلاَهُ وَ أَخَذَ بِعَضُدی حَتَّی رُئِیَ بَیَاضُ إِبْطَیْهِ، رَافِعاً صَوْتَهُ، قَائِلاً فی مَحْفِلِهِ: « مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِیُّ مَوْلاَهُ، اَللَّهُمَّ وَ الِ مَنْ وَالاَهُ، وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ ». فَكَانَتْ عَلی وِلاَیَتی وِلاَیَةُ اللَّهِ، وَ عَلی عَدَاوَتِی عَدَاوَةُ اللَّهِ. وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فی ذَلِكَ الْیَوْمِ اَلْیَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دینَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَیْكُمْ نِعْمَتِی وَ رَضیتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دیناً.[174] فَكَانَتْ وِلاَیَتِی كَمَالُ الدّینِ، وَ رِضَا الرَّبِّ جَلَّ ذِكْرُهُ. وَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالی اخْتِصَاصاً لی، وَ تَكَرُّماً نَحَلَنیهِ، وَ إِعْظَاماً وَ تَفْضیلاً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مَنَحَنیهِ، وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالی: ثُمَّ رُدُّوا إِلَی اللَّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَ هُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبینَ[175]. [صفحه 172] فی مَنَاقِبَ لَوْ ذَكَرْتُهَا لَعَظُمَ بِهَا الاِرْتِفَاعُ، فَطَالَ لَهَا الاِسْتِمَاعُ. وَ لَئِنْ تَقَمَّصَهَا دُونِیَ الأَشْقَیَانِ، وَ نَازَعَانی فیمَا لَیْسَ لَهُمَا بِحَقٍّ، وَ رَكِبَاهَا ضَلاَلَةً، وَ اعْتَقَدَاهَا جَهَالَةً، فَلَبِئْسَ مَا عَلَیْهِ وَرَدَا، وَ لَبِئْسَ مَا لأَنْفُسِهِمَا مَهَّدَا. یَتَلاَعَنَانِ فی دُورِهِمَا، وَ یَبْرَأُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، یَقُولُ لِقَرینِهِ إِذَا الْتَقَیَا: یَا لَیْتَ بَیْنی وَ بَیْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَیْنِ فَبِئْسَ الْقَرینُ[176]. فَیُجیبُهُ الأَشْقی عَلی وُثُوبِهِ: یَا وَیْلَتَا لَیْتَنی لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلیلاً لَقَدْ أَضَلَّنی عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنی وَ كَانَ الشَّیْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً[177]. فَأَنَا الذِّكْرُ الَّذی عَنْهُ ضَلَّ، وَ السَّبیلُ الَّذی عَنْهُ مَالَ، وَ الإیمَانُ الَّذی بِهِ كَفَرَ، وَ الْقُرْآنُ الَّذی إِیَّاهُ هَجَرَ، وَ الدّینُ الَّذی بِهِ كَذَّبَ، وَ الصِّرَاطُ الَّذی عَنْهُ نَكَبَ. وَ لَئِنْ رَتَعَا فِی الْحُطَامِ الْمُنْصَرِمِ، وَ الْغُرُورِ الْمُنْقَطِعِ، وَ كَانَا مِنْهُ عَلی شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ لَهُمَا عَلی شَرِّ وُرُودٍ، فی أَخْیَبِ وُفُودٍ، وَ أَلْعَنِ مَوْرُودٍ، یَتَصَارَخَانِ بِاللَّعْنَةِ، وَ یَتَنَاعَقَانِ بِالْحَسْرَةِ، مَا لَهُمَا مِنْ رَاحَةٍ، وَ لاَ عَنْ عَذَابِهِمَا مِنْ مَنْدُوحَةٍ. إِنَّ الْقَوْمَ لَمْ یَزَالُوا عُبَّادَ أَصْنَامٍ، وَ سَدَنَةَ أَوْثَانٍ، یُقیمُونَ لَهَا الْمَنَاسِكَ، وَ یَنْصِبُونَ لَهَا الْعَتَائِرَ، وَ یَتَّخِذُونَ لَهَا الْقُرْبَانَ، وَ یَجْعَلُونَ لَهَا الْبَحیرَةَ وَ الْوَصیلَةَ وَ السَّائِبَةَ وَ الْحَامَ، وَ یَسْتَقْسِمُونَ بِالأَزْلاَمِ، عَامِهینَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ، حَائِرینَ عَنِ الرَّشَادِ، مُهْطِعینَ إِلَی الْبِعَادِ. قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَیْهِمُ الشَّیْطَانُ، وَ غَمَرَتْهُمْ سَوْدَاءُ الْجَاهِلِیَّةِ، وَ رَضَعُوا جَهَالَةً، وَ انْفَطَمُوا ضَلاَلَةً، فَأَخْرَجَنَا اللَّهُ إِلَیْهِمْ رَحْمَةً، وَ أَطْلَعَنَا عَلَیْهِمْ رَأْفَةً، وَ أَسْفَرَ بِنَا عَنِ الْحُجُبِ نُوراً لِمَنِ اقْتَبَسَهُ، وَ فَضْلاً لِمَنِ اتَّبَعَهُ، وَ تَأْییداً لِمَنْ صَدَّقَهُ، فَتَبَوَّؤُوا الْعِزَّ بَعْدَ الذِّلَةِ، وَ الْكَثْرَةَ بَعْدَ الْقِلَّةِ، وَ هَابَتْهُمُ الْقُلُوبُ وَ الأَبْصَارُ، وَ أَذْعَنَتْ لَهُمُ الْجَبَابِرَةُ وَ طَوَاغیتُهَا، وَ صَارُوا أَهْلَ نِعْمَةٍ مَذْكُورَةٍ، وَ كَرَامَةٍ مَیْسُورَةٍ، وَ أَمْنٍ بَعْدَ خَوْفٍ، وَ جَمْعٍ بَعْدَ كَوْفٍ. وَ أَضَاءَتْ بِنَا مَفَاخِرُ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانٍ، وَ أَوْلَجْنَاهُمْ بَابَ الْهُدی، وَ أَدْخَلْنَاهُمْ دَارَ السَّلاَمِ، وَ أَشْمَلْنَاهُمْ ثَوْبَ الإیمَانِ، وَ فَلَجُوا بِنَا فِی الْعَالَمینَ. وَ أَبْدَتْ لَهُمْ أَیَّامُ الرَّسُولِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ آثَارَ الصَّالِحینَ، مِنْ حَامٍ مُجَاهِدٍ، وَ مُصَلٍّ [صفحه 173] فَانِتٍ، وَ مُعْتَكِفٍ زَاهِدٍ، یُظْهِرُونَ الأَمَانَةَ، وَ یَأْتُونَ الْمَثَابَةَ. حَتَّی إِذَا دَعَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِیَّهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ رَفَعَهُ إِلَیْهِ، لَمْ یَكُ ذَلِكَ بَعْدَهُ إِلاَّ كَلَمْحَةٍ مِنْ خَفْقَةٍ، أَوْ وَمیضٍ مِنْ بَرْقَةٍ، إِلی أَنْ رَجَعُوا عَلَی الأَعْقَابِ، وَ انْتَكَصُوا عَلَی الأَدْبَارِ، وَ طَلَبُوا بِالأَوْتَارِ، وَ أَظْهَرُوا الْكَتَائِبَ، وَ رَدَمُوا الْبَابَ، وَ فَلُّوا الدَّارَ، وَ غَیَّرُوا آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ رَغِبُوا عَنْ أَحْكَامِهِ، وَ بَعُدُوا مِنْ أَنْوَارِهِ، وَ اسْتَبْدَلُوا بِمُسْتَخْلَفِهِ بَدیلاً اتَّخَذُوهُ وَ كَانُوا ظَالِمینَ[178]. وَ زَعَمُوا أَنَّ مَنِ اخْتَارُوا مِنْ آلِ أَبی قُحَافَةَ أَوْلی بِمَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مِمَّنِ اخْتَارَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ لِمَقَامِهِ، وَ أَنَّ مُهَاجِرَ آلِ أَبی قُحَافَةَ خَیْرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِیِّ الأَنْصَارِیِّ الرَّبَّانِیِّ نَامُوسِ بَنی هَاشِمِ بْنِ عَبِدِ مُنَافٍ. أَلاَ وَ إِنَّ أَوَّلَ شَهَادَةِ زُورٍ وَقَعَتْ فِی الإِسْلامِ شَهَادَتُهُمْ أَنَّ صَاحِبَهُمْ مَسْتَخْلَفُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ مَا كَانَ، رَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ وَ قَالُوا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مَضی وَ لَمْ یَسْتَخْلِفْ. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ الطَّیِّبُ الْمُبَارَكُ أَوَّلَ مَشْهُودٍ عَلَیْهِ بِالزُّورِ فِی الإِسْلاَمِ. وَ عَنْ قَلیلٍ یَجِدُونَ غِبَّ مَا یَعْمَلُونَ، وَ سَیَجِدُ التَّالُونَ غِبَّ مَا أَسَّسَهُ الأَوَّلُونَ. وَ لَوْ كَانُوا فی مَنْدُوحَةٍ مِنَ الْمَهَلِ، وَ شِفَاءٍ مِنَ الأَجَلِ، وَ سَعَةٍ مِنَ الْمُنْقَلَبِ، وَ اسْتِدْرَاجٍ مِنَ الْغُرُورِ، وَ سُكُونٍ مِنَ الْحَالِ، وَ إِدْرَاكٍ مِنَ الأَمَلِ، فَقَدْ أَمْهَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ شَدَّادَ بْنَ عَادٍ، وَ ثَمُودَ بْنَ عَبُودٍ، وَ بَلْعَمَ بْنَ بَاعُورٍ، وَ أَسْبَغَ عَلَیْهِمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَ بَاطِنَةً، وَ أَمَدَّهُمْ بِالأَمْوَالِ وَ الأَعْمَارِ، وَ أَتَتْهُمُ الأَرْضُ بِبَرَكَاتِهَا، لِیَذَّكَّرُوا آلاَءَ اللَّهِ، وَ لِیَعْرِفُوا الاِهَابَةَ لَهُ وَ الاِنَابَةَ إِلَیْهِ، وَ لِیَنْتَهُوا عَنِ الاِسْتِكْبَارِ. فَلَمَّا بَلَغُوا الْمُدَّةَ، وَ اسْتَتَمُّوا الأُكْلَةَ، أَخَذَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اصْطَلَمَهُمْ. فَمِنْهُمْ مَنْ حُصِبَ. وَ مِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّیْحَةُ. وَ مِنْهُمْ مَنْ أَحْرَقَتْهُ الظُّلَّةُ. وَ مِنْهُمْ مَنْ أَوْدَتْهُ الرَّجْفَةُ. [صفحه 174] وَ مِنْهُمْ مَنْ أَرْدَتْهُ الْخَسْفَةُ. وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِیَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ[179]. أَلاَ وَ إِنَّ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَاباً، فَإِذَا بَلَغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ، لَوْ كُشِفَ لَكَ عَمَّا هَوی عَلَیْهِ الظَّالِمُونَ، وَ آلَ إِلَیْهِ الأَخْسَرُونَ، لَهَرَبْتَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِمَّا هُمْ عَلَیْهِ مُقیمُونَ، وَ إِلَیْهِ صَائِرُونَ. أَلاَ وَ إِنّی فیكُمْ، أَیُّهَا النَّاسُ، كَهَارُونَ فی قَوْمِ مُوسی، وَ كَبَابِ حِطَّةَ فی بَنی إِسْرَائیلَ، وَ كَسَفینَةِ نُوحٍ فی قَوْمِ نُوحٍ، مَنْ رَكِبَهَا نَجَا، وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ. وَیْلٌ لِمَنْ جَهِلَ مَعْرِفَتی، وَ لَمْ یَعْرِفْ حَقّی. أَلاَ إِنَّ حَقّی هُوَ حَقُّ اللَّهِ. أَلاَ إِنَّ حَقّی هُوَ حَقُّ اللَّهِ. مَنْ عَرَفَنِی وَ عَرَفَ حَقّی فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ، لأَنّی وَصِیُّ نَبِیِّهِ فی أَرْضِهِ، وَ حُجَّتُهُ عَلی خَلْقِهِ، لاَ یُنْكِرُ هذَا إِلاَّ رَادٌّ عَلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ. أَیُّهَا النَّاسُ، إِنِّی النَّبَأُ الْعَظیمُ الَّذی عَنْهُ تُعْرِضُونَ، وَ عَنْهُ تَسَأَلُونَ، وَ فیهِ تَخْتَلِفُونَ. أَنَا كَسَرْتُ الأَصْنَامَ. أَنَا رَفَعْتُ الأَعْلاَمَ. أَنَا بَنَیْتُ الإِسْلاَمَ. أَنَا الهَادی، وَ الْمُهْتَدی. أَنَا أَبُو الْیَتَامی وَ الْمَسَاكینَ، وَ زَوْجُ الأَرَامِلِ. أَنَا مَلْجَأُ كُلِّ ضَعیفٍ، وَ مَأْمَنُ كُلِّ خَائِفٍ. أَنَا قَائِدُ الْمُؤْمِنینَ إِلَی الْجَنَّةِ. أَنَا شَجَرَةُ النَّدی، وَ حِجَابُ الْوَری، وَ صَاحِبُ الدُّنْیَا، وَ حُجَّةُ الأَنْبِیَاءِ، وَ اللِّسَانُ الْمُبینُ، وَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتینُ. أَنَا عُرْوَةُ اللَّهِ الْوُثْقی، وَ كَلِمَةُ التَّقْوی. أَنَا صِرَاطُ اللَّهِ. أَنَا بَابُ اللَّهِ. [صفحه 175] أَنَا عِلْمُ اللَّهِ. أَنَا قَلْبُ اللَّهِ الْوَاعی. أَنَا عَیْنُ اللَّهِ النَّاظِرَةُ فی بَرِیَّتِهِ. أَنَا لِسَانُ اللَّهِ النَّاطِقُ، وَ أَمینُهُ عَلی سِرِّهِ، وَ حُجَّتُهُ عَلی خَلْقِهِ، وَ خَلیفَتُهُ عَلی عِبَادِهِ. أَنَا یَدُ اللَّهِ الْمَبْسُوطَةُ عَلی عِبَادِهِ بَالرَّحْمَةِ وَ الْمَغْفِرَةِ. أَنَا سَیْفُ اللَّهِ عَلی أَعْدَائِهِ، وَ رَحْمَتُهُ عَلی أَوْلِیَائِهِ. أَنَا جَنْبُ اللَّهِ الَّذی یَقُولُ: أَنْ تَقُوَلَ نَفْسٌ یَا حَسْرَتی عَلی مَا فَرَّطْتُ فی جَنْبِ اللَّهِ[180]. لاَ یُصَدِّقُنی إِلاَّ مَنْ مَحَضَ الإیمَانَ مَحْضاً، وَ لاَ یُكَذِّبُنی إِلاَّ مَنْ مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً. وَ عَنْ قَلیلٍ سَتَعْلَمُونَ مَا تُوعَدُونَ. وَ هَلْ هِیَ إِلاَّ كَلَعْقَةِ الآكِلِ، وَ مُذْقَةِ الشَّارِبِ، وَ خَفْقَةِ الْوَسْنَانِ، ثُمَّ تُلْزِمُهُمُ الْمَعَرَّاتُ خِزْیاً فِی الدُّنْیَا وَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ یُرَدُّونَ إِلی أَشَدِّ الْعَذَابِ وَ مَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا یَعْمَلُونَ[181]. فَمَا جَزَاءُ مَنْ تَنَكَّبَ مَحَجَّتَهُ، وَ أَنْكَرَ حُجَّتَهُ، وَ خَالَفَ هُدَاتَهُ، وَ حَادَ عَنْ نُورِهِ، وَ اقْتَحَمَ فی ظُلَمِهِ، وَ اسْتَبْدَلَ بِالْمَاءِ السَّرَابَ، وَ بِالنَّعیمِ الْعَذَابَ، وَ بِالْفَوْزِ الشَّقَاءَ، وَ بِالسَّرَّاءِ الضَّرَّاءَ، وَ بِالسَّعَةِ الضَّنْكَ، إِلاَّ جَزَاءَ اقْتِرَافِهِ، وَ سُوءَ خِلاَفِهِ؟. فَلْیُوقِنُوا بِالْوَعْدِ عَلی حَقیقَتِهِ، وَ لْیَسْتَیْقِنُوا بِمَا یُوعَدُونَ، یَوْمَ تَأْتِی الصَّیْحَةُ بِالْحَقِّ ذَلِكَ یَوْمُ الْخُرُوجِ إِنَّا نَحْنُ نُحْیِی وَ نُمیتُ وَ إِلَیْنَا الْمَصیرُ یَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَیْنَا یَسیرُ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا یَقُولُونَ وَ مَا أَنْتَ عَلَیْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ یَخَافُ وَعیدِ[182]. وَ صَلَّی اللَّهُ عَلی مُحَمَّدٍ النَّبِیِّ وَ عَلی آلِ بَیْتِهِ الطَّاهِرینَ[183]. [صفحه 176]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ اَلْحَمْدُ للَّهِ الَّذی مَنَعَ[1] الأَوْهَامَ أَنْ تَنَالَ وُجُودَهُ، وَ حَجَبَ الْعُقُولَ أَنْ تَتَخَیَّلَ[2] ذَاتَهُ، لامْتِنَاعِهَا مِنَ الشَّبَهِ وَ الْمُشَاكِلِ، وَ النَّظیرِ وَ المُمَاثِلِ، بَلْ هُوَ الَّذی لَمْ یَتَفَاوَتْ فی ذَاتِهِ، وَ لَمْ یَتَبَعَّضْ بِتَجْزِئَةِ الْعَدَدِ فی كَمَالِهِ.
صفحه 148، 149، 150، 151، 152، 153، 154، 155، 156، 157، 158، 159، 160، 161، 162، 163، 164، 165، 166، 167، 168، 169، 170، 171، 172، 173، 174، 175، 176.
باختلاف بین المصادر. و نهج السعادة ج 1 ص 55، و ج 7 ص 477. باختلاف بین المصادر. باختلاف بین المصادر. و نسخة العطاردی ص 446. نسخة العطاردی ص 466. و ورد مستفاد فی غرر الحكم ج 1 ص 35. و غرر الحكم ج 1 ص 37 و ج 2 ص 514 و 667 و 781. و تحف العقول ص 70. و المستطرف ج 2 ص 63. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 13. و نهج السعادة ج 1 ص 63. باختلاف بین المصادر. و تحف العقول ص 70. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 13. و نهج السعادة ج 1 ص 64. و نهج البلاغة الثانی ص 17. باختلاف بین المصادر. و تحف العقول ص 71. باختلاف بین المصادر. باختلاف بین المصادر. باختلاف بین المصادر. باختلاف بین المصادر.